المحظورة تتجمل...هل تكذب؟

المحظورة تتجمل...هل تكذب؟
يبدو أن الصعود السياسي للإخوان مع ما أثاره من قلق وترقب في كافة الأوساط استلزم نشاطاً ملحوظاً في جبهتهم الإعلامية، فراح القياديون منهم يدبجون المقالات (هنا و هنا)، ويطلون علينا من الفضائيات، يخاطبون كافة الفئات السياسة، ويهدئون من روع الجميع، ولسان حالهم "اللي تخاف منه مفيش أحسن منه".
لا يلومهم أحد علي ذلك، علي الأقل لا ألومهم أنا. فإن كانوا فعلاً قبلوا أن يصبحوا طرفاً في اللعبة السياسية، فمن حقهم أن يعلنوا أجندتهم، ويعلنوا رؤاهم للتغيير، وآلياتهم لإحداث هذا التغيير، ومن حقهم علينا أن نسمعهم دونما حظر عليهم أو تضييق.
ولكن ماليس من حقهم أن "يتذاكوا" علي هذا الشعب،
ليس من حقهم أن ينصبوا لنا شبكة من الفخاخ الكلامية،
وليس من حقهم أن يوهمونا بأنهم هبطوا علينا بالباراشوت البارحة، وأنهم ليسوا امتداداً لكيان له تاريخ طويل، بدأ كياناً دعوياً، انقلب إلي كيان ظاهره الدين وباطنه المصلحة السياسية.
المتابع للكتابات الأخيرة لقيادات الإخوان يدهش لذلك التغير الملحوظ في خطابهم، علي نحويبدو معه وكأن الإخوان انقلبوا علي أنفسهم، وتنكروا لأفكارهم التي تأسست عليها جماعتهم. هل يمكن أن يتصور حسن البنا أن أنصاره يتحدثون اليوم عن الديموقراطية" (والعياذ بالله) و يتعاطون تعبيرات "كفرية" من قبيل "التحول الديمقراطي" و"التداول السلمي للسلطة" و"الوطن"، بديلاً عن "الشوري" و"الخلافة" و"الأمة"؟ هل يمكن أن يتصور حسن البنا أن الخلف أحال خطاب السلف إلي المعاش، وأن قيادات الجماعة تتحدث مثلاً عن "الأقباط بوصفهم شركاء الوطن" (أنظر مقالة عصام العريان اليوم في جريدة الحياة)، وينادون بأن الحضارة العربية الإسلامية ستكون مرجعيتهم، وليس الإسلام كدين، وأنهم يتحدثون عن عدم رغبتهم الدخول في حرب مع اسرائيل، وأنهم يرغبون في المرحلة المقبلة أن يتخذوا شكلاً قانونياً يصبحون بموجبه "حزباً سياسياً ذي مرجعية دينية" (أنظر مقالة العريان.
أظننا بحاجة ليس فقط إلي الإستماع إلي الإخوان، بل إلي فهم خطابهم المتجمل اليوم في ضوء خطابهم المثبت في أدبياتهم، وفي ضوء ممارساتهم، مع بعضهم البعض , ومع الأطراف السياسية الأخري.
باختصار نحن بحاجة إلي فهم الإخوان، تاريخاً وتنظيماً. نحن بحاجة إلي الاشتباك مع خطابهم، لا علي طريقة فرش الملاية التي ينصبها الحزب الحاكم في الإعلام المصري الآن، والتي أري أنها قد تؤدي إلي نتيجة عكسية مع البسطاء. نحن بحاجة إلي الإنصات إلي تجارب من عايشوا الجماعة من الداخل، وشهدوا عوارها، وطالعوا ممارساتها، وخبروا خطابها قبل "النيولوك" .
أتمني أن نسمع من هؤلاء.